مفهوم الفلسفة الغربية
الفلسفة الغربية (بالإنجليزية: Western Philosophy) هي تقليد فلسفي يشمل كل الفكر الفلسفي الذي ينتمي إلى العالم الغربي، ويعود تاريخ الفلسفة الغربية إلى أيام المفكرين الأوائل من عصر ما قبل سقراط، الذين نشطوا في اليونان القديمة، في القرن السادس قبل الميلاد، وهناك أوقاتٌ يُستخدم فيها مصطلح الفلسفة الغربية للإشارة إلى التقاليد الفلسفية التي لم تتأثر بشكل بالغ، وإلى حد بعيد، بالفلسفة الشرقية، والتي يندرج تحتها عدة فلسفات، مثل الفلسفة الإفريقية، والفلسفة الأمريكية الأصلية، وفلسفة السكان الأصليين لأستراليا، وتُعرف الفلسفة الغربية أيضًا على أنها "وجهة النظر"، التي انبثقت من الفلسفة اليونانية، وطالت بتأثيرها معظم الحضارة الغربية، وتعتمد الفلسفة الغربية على الحقائق العقلانية والمنطقية في مسعاها للكشف عن الحقيقة وإثباتها،[١] وقد أثرت الفلسفة الغربية على الثقافة في الغرب بشكل عام، وكان لها دور في تشكيل وجهات النظر بخصوص السياسة، والمعتقدات الدينية، والفن، والعلم، والعقل، وبالتأكيد هناك فلاسفة غربيون معروفون بتأثيرهم الكبير، والذين من أبرزهم: سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، ورينيه ديكارت، وإيمانويل كانط، وجون ستيوارت مل.[٢][٣]
المراحل التاريخية للفلسفة الغربية
ينقسم تاريخ الفلسفة الغربية إلى أربع مراحل تاريخية، تشمل كلاً من العصر الكلاسيكي، والعصور الوسطى، وعصر النهضة، والعصر الحديث، وفي النقاط التالية توضيحٌ لأهم تفاصيل تاريخ الفلسفة الغربية على مر هذه العصور التاريخية:[٤]
ساد بين الفلاسفة اليونانيين اعتقادٌ بأن طاليس الملطي هو من ظهرت بفضله الفلسفة الغربية، وذلك لأنه قام بفصل الفكر الفلسفي عن كلٍ من الدين وعلم الأساطير (الميثولوجيا)؛ الأمر الذي اعتبر طاليس الملطي بسببه أشهر الفلاسفة من عصر ما قبل سقراط.
وفي العصر الكلاسيكي، اعتبر سقراط أكثر الفلاسفة الكلاسيكيين تأثيرًا في الفلسفة الغربية؛ إذ عُرف باعتقاده الشهير الذي ينص على أن "الحكيم" هو المرء الذي يعرف ويدرك جيدًا أنه لا يعلم شيئًا، بالإضافة إلى ذلك، وضع سقراط ما يُسمى بالسخرية السقراطية (بالإنجليزية: Socratic irony)، وهي تقنية يجري فيها التظاهر بالجهل بغرض فضح جهل شخصٍ آخر، أو إظهار تناقضه، على حقيقته، كما وضع المنهج السقراطي، المعروف أيضًا بمنهج إلينخوس أو الجدل السقراطي (بالإنجليزية: Socratic method)، والذي يهدف منه إلى تعلم أمر ما، أو مناقشته، من خلال إجراء حوارٍ مشترك بين المعلم وطلابه.[٥][٦]
ومن بعد سقراط، جاء تلميذه أفلاطون، الذي وثق حوارات سقراط في كتابه الذي حمل عنوان "الجمهورية"، وعمل من خلال كتابه هذا أيضًا على تأسيس عددٍ من الأفكار، مثل الحب الأفلاطوني، والفلسفة السياسية، أما فيما يخص المعرفة والإيمان (المعتقد)، فقد اعتقد أفلاطون بوجود اختلافٍ بينهما، أساسه التبرير؛ أي أنّ المعرفة يمكن إثباتها وتبريرها، على عكس الإيمان (المعتقد)، الذي يؤمن به المرء بسبب اعتقاده به، وليس اعتمادًا على دليل أو إثبات، هذا وقد عمل أفلاطون كذلك على تأسيس أول مدرسة للفلسفة الغربية، ولكن تمّ إغلاقها بشكل نهائي في العام 529 م، من قبل الإمبراطور البيزنطي جستينيان الأول، بسبب أنها كانت تعتبر مهددة للإيمان المسيحي في تلك الفترة، وهذه المدرسة الفلسفية هي "الأكاديمية"، المعروفة أيضًا بالأكاديمية الأفلاطونية (بالإنجليزية: Platonic Academy).[٧]
ومع انتشار المسيحية وهيمنتها على كل من الإمبراطورية الرومانية الشرقية والإمبراطورية الرومانية الغربية، طال هذا التأثير أيضًا الفكر الفلسفي، وباتت الفلسفة تُوظف لإثبات وجود الله، وقد اعتمدت الفلسفة المسيحية على تقاليد الديانتين اليهودية والإسلام، غير أنها لم تتوافق مع الفلسفة الإغريقية القديمة، وكانت على خلاف معها، ليأتي لاحقًا الفيلسوف والقديس توما الأكويني (بالإنجليزية: Thomas Aquinas)، ويقوم بالتوفيق بينهما.
وفي نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، قامت حركة الإصلاح (بالإنجليزية: Reformation) بإنهاء هيمنة المسيحية على الفلسفة الغربية، وقد قاد هذه الحركة عدة شخصيات، كان من أبرزها مارتن لوثر وجون كالفين، وظهرت نقاشاتٌ آنذاك حول الله، وطبيعة الإيمان، والإرادة الحرة، وهذا الأمر مهد الطريق أمام تطوير كلٍ من: الفلسفة السياسية من قبل الفيلسوف الإيطالي نيكولو مكيافيلي (بالإيطالية: Niccolò Machiavelli)، والإنسانوية من قبل الفيلسوف الهولندي إيراسموس (بالإنجليزية: Erasmus)، والعلوم بواسطة عدة فلاسفة، أمثال الفيلسوف الإيطالي غاليليو غاليلي (بالإيطالية: Galileo Galilei)، والفيلسوف البولندي نيكولاس كوبرنيكوس (بالإنجليزية: Nicolaus Copernicus).
في عصر التنوير، بات للعلم مكانة عظيمة، وانفصلت الفلسفة الغربية عن الدين وعلم الأساطير (الميثولوجيا)، تمامًا كالذي قام به طاليس الملطي قبل 2000 عام من تلك الفترة، وهذا الأمر نتج عنه تنوع في الفلاسفة وأفكارهم، أمثال الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (بالفرنسية: René Descartes)، والفيلسوف الجنيفي وجان جاك روسو (بالفرنسية: Jean-Jacques Rousseau)، الذي كان من أفكاره ما يتمحور حول علم أصول التدريس، بالإضافة إلى ذلك، كان هناك الفيلسوف الدنماركي سورين كيركغور (بالدنماركية: Søren Kierkegaard) الذي كان له دور في توجيه الفلسفة إلى المواضيع التي تؤثر على الإنسان العادي، بعيدًا عن الأفكار المجردة، وبفضل جميع هؤلاء الفلاسفة وغيرهم، ممن جاؤوا لاحقًا، أمثال سيغموند فرويد (بالإنجليزية: Sigmund Freud)، ونعوم تشومسكي (بالإنجليزية: Noam Chomsky)، تغلغلت الفلسفة في جميع مجالات الحياة، بدءًا من علم النفس، وحتى اللغويات، وقد ساهم في ذلك أيضًا التكنولوجيا الحديثة التي ظهرت.
خصائص الفلسفة الغربية
تتميز الفلسفة الغربية بعدد من الخصائص،[٨] والتي نستعرض عددًا منها فيما يلي:[٩][١٠]
تشمل المواضيع التي أولتها الفلسفة الغربية اهتمامًا كلاً من: الميتافيزيقيا، ونظرية المعرفة، والأخلاق، والسياسة، والجماليات.
في الفلسفة الغربية، يقوم الفلاسفة بتفكيك الأفكار قدر الإمكان، ويركزون على الأجزاء التي تتكون منها الفكرة، بدلاً من التركيز على الفكرة بأكملها، كما يركزون على إيجاد نقاط الاختلاف بين الأفكار، ويكثرون من استخدام التصنيف، والمنطق، والاستدلال.
تشجع الفلسفة الغربية عن تقصي الحقائق، والاستطلاع، والبحث، دون حدود، كما أنها لا تمانع ترك التقاليد في حال ظهر فيها أي عيوب أو أخطاء.
تولي الفلسفة الغربية اهتمامًا بالحقائق، والواقع، والأحداث التي تجري في العالم.
تسهل الفلسفة الغربية على الناس التركيز على فهم الطبيعة، من خلال البحث المستمر بشأنها، والسعي لتوضيح الأمور ذات الصلة بها.
ما هي خصائص الفلسفة الغربيّة؟ من أهمّ خصائص الفلسفة الغربيّة ما يأتي: الشك المنهجي تميّزت الفلسفة الغربية بالشك المنهجي الذي تم تدشينه على يد الفيلسوف رينيه ديكارت، الذي لقب بأبي الفلسفة الحديثة، ومن أهم الميزات التي يتميز بها الشك الديكارتي ما يأتي:[١] أنه شك إرادي يُقصد بذلك أنّ الإنسان هو الذي يفرضه على ذاته، وهذا ينفي صفة الإطلاق عنه. أنه شك مؤقت يعني أنّه لا يتّسم بالاستمرارية. الاعتماد على الكوجيتو الديكارتي يُقصد بالكوجيتو الديكارتي، مقولة أنا أفكر إذًا أنا موجود، وهذه العبارة بُنيت عليها معظم تاريخ الفلسفة الغربية، والهدف النهائيّ لها، أنّه بإمكان أيّ شخص أن يشك في وجود كلّ شيء، لكنّه من غير الممكن أن يشكّ في أنّ هناك ذاتًا تشك، وهي ذاته، وبهذه العبارة أثبت ديكارت وجود الذّات الإنسانيّة، واعتُبرت ذاتًا مفكرة، وفي هذا إشارةً إلى ما يمّيز الإنسان عن باقي الكائنات الحيّة.[٢] المنهجية في التفكير يُمكن التماس أُسس المناهج المختلفة في التفكير، وكان المنهج العقلاني من أشهر هذه المناهج، وقام على عدة أُسس ومبادئ، ومن أبرز هذه المبادئ ما يأتي:[٣] البداهة والوضوح أيّ أنّ الباحث لا يجوز له أن يقبل أيّ معلومة على أنّها حقيقة إلّا إذا اتّسمت بالوضوح التام، والبداهة، وفي هذا إشارة إلى التأثّر الواضح في العلوم الرياضية، والهندسية. التحليل والتقسيم يُنصح في هذا المبدأ أن يقوم الباحث بتجزئة المشكلة إلى أجزاء أصغر؛ وذلك لتسهيل حلها. التركيب والترتيب يقوم الباحث بإعادة هيكلة الإشكالية، وترتيبها من البداية، على أن يلتزم بالدقة والموضوعية. الإحصاءات الكاملة والشاملة، والمراجعات العامة وهذا هو المبدأ الأخير، ومن خلاله يقوم الباحث بإعادة النظر في قضية أو مشكلة البحث. التأسيس للعقد الاجتماعي في الفلسفة السياسية قام العديد من الفلاسفة بالتّأسيس لعقدٍ اجتماعيّ يقوم على أساس المساواة، والحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومن أهمّ الفلاسفة الذين أسسوا لهذا العقد الاجتماعي في الفلسفة السياسية ما يأتي:[٤] جون لوك وهو فيلسوف بريطاني، يعد أبو الليبرالية، دافع في كتاباته عنن الحرية كقيمة عليا للفرد. جان جاك روسو وهو من أهم فلاسفة الفلسفة الحديثة ألف العديد من الكتب أهمها كتاب العقد الاجتماعي، وتناول فيه قضية الحرية. توماس هوبز وهو فيلسوف بريطاني، عرفت كتاباته الفلسفية بالدفاع عن الأنظمة الملكية. ظهور التيار التجريبي العلمي في الفلسفة ظَهر التيّار التجريبي كنتيجةٍ للتقدّم العلمي، وأخذ هذا التيّار بالمنهج العلميّ كطريقة للوصول إلى المعرفة، وذلك من خلال اعتماد الحواس وتتبّع الملاحظات، ويعدّ جون لوك من أهمّ رواده، وكتابه الذي أطلق عليه اسم "مقال في الفهم البشري" هو من أهمّ ما كُتب في تاريخ التيّار التجريبي في الفلسفة، وطوّر الفيلسوف الإنجليزي ديفيد هيوم على فلسفة لوك، وجعلها تتميّز بطابع فلسفي.[٥] ميّز الفيلسوف ديفيد هيوم بين الانطباعات والأفكار، حيث عبّر عن الانطباعات بأنّها المعطيات المباشرة التي يستمدّها الإنسان من خلال حواسه، أمّا الأفكار فهي الصورة الناتجة في الذاكرة والمخّيلة، وبذلك يكون للانطباعات أسبقيةً على الأفكار في الوصول إلى المعرفة.[٥] المراجع ↑ "Descartes’ Epistemology", Stanford University, Retrieved 14/11/2022. Edited. ↑ "cogito, ergo sum", britannica, Retrieved 14/11/2022. Edited. ↑ "Western philosophy", britannica, Retrieved 14/11/2022. Edited. ↑ "Social Contract Theory", The Internet Encyclopedia of Philosophy, Retrieved 14/11/2022. Edited. ^ أ ب "empiricism", britannica, Retrieved 14/11/2022. Edited.
المراجع
↑ "Difference Between Eastern and Western Philosophy", differencecamp, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ "Western Philosophy", philosophybasics, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ "Differences between Eastern and Western Philosophy", differencebetweenz, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ "What Is Western Philosophy?", languagehumanities, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ "The Socratic Method: Fostering Critical Thinking", The Institute for Learning and Teaching Colorado State University, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ irony is when you,opposite of its literal meaning. "Socratic irony", vocabulary, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ "Academy", britannica, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ than breaking down ideas,philosophy focuses on the similarities. "The difference between Western and Eastern Philosophy", prezi, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ "Characteristics of Western philosophy", esamskriti, Retrieved 8/5/2023. Edited.
↑ "Eastern vs western philosophy differences in characteristics", dmy, Retrieved 8/5/2023. Edited.
إرسال تعليق