بناء الدولة؛ النظام العالمي ومشكلة الحكم والإدارة في القرن الحادي والعشرين - فرانسيس فوكوياما

 

بناء الدولة؛ النظام العالمي ومشكلة الحكم والإدارة في القرن الحادي والعشرين

- المؤلف: فرانسيس فوكوياما

- المترجم: مجاب الإمام

يهدف الكتاب إلى مناقشة إشكالية بناء الدولة (State-building) باعتبارها واحدة من أعقد التحديات التي يواجهها النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين. يرى فوكوياما أن المشكلات الكبرى في العلاقات الدولية – من الأزمات الأمنية إلى التنمية الاقتصادية – لا ترجع فقط إلى غياب الديمقراطية، بل بالأساس إلى ضعف الدول ومؤسساتها الإدارية. لذلك، يطرح المؤلف تصورًا حول كيفية بناء مؤسسات قوية وفعالة قادرة على إدارة شؤون الحكم، بعيدًا عن الانشغال المفرط بمسألة "نشر الديمقراطية" قبل توفير أساس الدولة القوية.

المحاور الرئيسية

1. مفهوم الدولة والقدرة المؤسسية

يميز فوكوياما بين شرعية الدولة وقدرتها المؤسسية.

الشرعية مرتبطة بقبول المجتمع للقانون والنظام السياسي، بينما القدرة المؤسسية مرتبطة بمدى كفاءة الإدارة العامة في تنفيذ السياسات.

يشير إلى أن العديد من الدول "الفاشلة" ليست مشكلتها غياب الديمقراطية، بل عجزها عن فرض القانون وتقديم الخدمات العامة.

2. الدولة بين القوة والفشل

يوضح فوكوياما أن قوة الدولة لا تُقاس فقط بقدرتها العسكرية أو الأمنية، بل بمدى قدرتها على أداء وظائفها الأساسية: فرض القانون، تقديم الخدمات، إدارة الاقتصاد.

الدول القوية ليست بالضرورة دولًا ديمقراطية لكنها تمتلك أجهزة إدارية متماسكة.

في المقابل، الدول الفاشلة أو المنهارة تتحول إلى مصدر للأزمات العابرة للحدود: النزاعات، الأوبئة، الهجرة.

يركز فوكوياما على أهمية تصنيف الدول على أساس قوة/ضعف مؤسساتها.

3. دور المؤسسات في التنمية

يوضح أن التنمية الاقتصادية المستدامة لا يمكن أن تتحقق من دون مؤسسات عامة قوية.

ضعف الإدارة يؤدي إلى فشل السياسات الاقتصادية مهما كانت "صحيحة" نظريًا.

يتناول نقاشًا نقديًا لسياسات البنك الدولي وصندوق النقد، التي ركزت على الإصلاحات الاقتصادية دون الالتفات إلى بناء القدرات المؤسسية.

4. الدولة والديمقراطية

يرفض فوكوياما فرضية أن الديمقراطية وحدها تكفي لضمان الحكم الرشيد.

يرى أن التسلسل المنطقي هو: أولاً بناء الدولة القوية، ثم لاحقًا توسيع قاعدة المشاركة السياسية.

الديمقراطية في ظل دولة ضعيفة قد تؤدي إلى تفكك أكبر وصراعات داخلية.

5. التدخل الخارجي وبناء الدولة

يناقش حدود التدخل الدولي في إعادة بناء الدول.

يبين أن التدخل غالبًا ما يفشل بسبب صعوبة زرع مؤسسات متينة من الخارج.

يؤكد أن بناء الدولة عملية تاريخية طويلة ومعقدة، تتطلب تدرجًا وتوافقًا داخليًا لا يمكن فرضه قسرًا.

6. مقترحات وحلول

ضرورة الاستثمار في التعليم الإداري والبيروقراطي.

تمكين الدول الضعيفة من تطوير جهازها القضائي والأمني والمالي.

دعم مؤسسات المجتمع المدني، لكن ليس بديلاً عن الدولة، بل كشريك لها.

جعل بناء الدولة أولوية في السياسة العالمية، إلى جانب الديمقراطية وحقوق الإنسان.

الخلاصة

كتاب «بناء الدولة» يمثل انعطافة مهمة في فكر فوكوياما بعد كتابه عن "نهاية التاريخ". ففي حين ركز سابقًا على الديمقراطية كنهاية للتطور السياسي، يعود هنا ليؤكد أن الأولوية ليست الديمقراطية، بل قدرة الدولة على الحكم والإدارة. الرسالة الجوهرية للكتاب هي أن:

غياب الدولة الفاعلة أخطر من غياب الديمقراطية.

التدخل الخارجي محدود النتائج إذا لم ينبع التغيير من الداخل.

العالم لن يعرف استقرارًا ما لم تُدعَم الدول الضعيفة على بناء مؤسساتها. 

تحميل الكتاب