مقدمة
لعل من الأمور التي قد تشغل قارئ هذا الكتاب هي طبيعة هذا الموضوع (النص التوراتي: مقاربات نقدية). وقد يتساءل: لماذا النص التوراتي بالضرورة؟ ولماذا البحث في علم الأديان؟
تعود البدايات الأولى للبحث في مجال الأديان في الغرب إلى القرن السابع عشر، حيث كان التركيز منصبا بالدرجة الأولى على دراسة النصوص الدينية، لتتحول بعد ذلك إلى دراسة الظواهر الخارجية، وما يرتبط بها من تحليل وتتبع لنشأة "الدين" وتطور" تاريخ الأديان". ومن المعلوم أن هذا العلم شهد ازدهارا كبيرا في القرن التاسع عشر حيث ظهرت إلى الوجود مناهج حديثة تناولت النص الديني من وجهة نظر علوم مختلفة ك "اللسانيات التاريخية" "Linguistique historique" و"النحو والمقارن" "Grammaire comparée" و"علم الفيلولوجيا" "Philologie" هذا فضلا عن اهتمامهم ب"الأساطير" "Mythologie إلى جانب الطفرة النوعية التي عرفها "علم الآثار" "Archéologie" و"العلوم الإنسانية" "sciences humaines" ك"علم النفس" "Psychologie و"علم الاجتماع" " Sociologie" و"علم الإنسان" " l'anthropologie" و"فلسفة الدين" Philosophie de la religion ...؛ " وفك طلاسم "الكتابة المسمارية" "Écriture cunéiforme" و"الكتابة الهيروغليفية المصرية" "Hiéroglyphes égyptiens" .
وموازاة مع نشأة وتطور علم "مقارنة الأديان " " Religion comparée " ، وضمن الحدود المعرفية لهذا العلم نفسه، رأى النور في أوروبا علم نقد الكتاب المقدس" Critique biblique " أو ما يُسمى بالدراسات الكتابية. وسواء تعلق الأمر بعلم "مقارنة الأديان" أو "نقد الكتاب المقدس" فكلاهما من العلوم العربية الإسلامية التي تطورت على يد عدد كبير من العلماء المسلمين . والثابت أن مصطلح "علم الأديان" لم يكن غائبا عنهم. فالشهرستاني أشار إلى ذلك بشكل صريح في قوله : :«اعلم أن العرب الجاهلية كانت على ثلاثة أنواع من العلوم : أحدهما علم الأنساب والتاريخ والأديان» . وقد ورد نفس التعريف في رسائل إخوان الصفا «واعلم يا أخي أن العلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان» . من هنا يتضح لنا، بشكل جلي، أن هذا العلم هو عربي المنشأ إسلامي المولد، غير أننا اليوم نجد شبه تنكر له مما أفضى إلى جهل مطبق بالأديان الأخرى (الديانات السماوية والأديان أو الفلسفات الوضعية). ولما كان الهدف هو تقريب المتلقي من الأديان الأخرى فقد ارتأينا أن نوجه اهتمامنا نحو نقد التوراة بمفهومه العام. ولم يكن هذا الاختيار وليد الصدفة، وإنما أملته جملة من الاعتبارات. فقد لاحظنا في تجربتنا المتواضعة في تدريس علم مقارنة الأديان أن الكثيرين يواجهون صعوبات جمة، وهم يتعاملون للمرة الأولى مع التوراة اليهودية بمفهومها العام. و لا يدركون أنها تختلف سواء من حيث عدد الأسفار أو من حيث الترتيب باختلاف الفرق المسيحية واليهودية. فكان لزاما علينا تحديد مكونات الكتاب المقدس، ولاسيما الجزء الأول منه، وأن ننتقل بعد ذلك لمقاربة إشكالات التسمية، والتعرف على كل واحدة منها على حدة. وبما أن التوراة لا يُمكن أن تُدرس بمعزل عن السياق التاريخي الذي أثر كثيرا في مضامينها، وجهنا نظرنا نحو قصة الطوفان التوراتية، وذلك بحثا عن مرجعيتها البابلية التي كشفت عنها مدونات الشرق القديم.
و لاشك أن طول المدة الزمنية التي استغرقها تشكل التوراة، جعلت هذا الكتاب الديني يعرف في مرحلة مبكرة من تاريخ اليهودية نوعا من الارتباك الذي شاب نسخه الأولى. الشيء الذي جعل علماء الماسورة يعمدون إلى تحقيق مخطوطاته، وإعادة كتابها وفق مجموعة من التعليمات والشروح والإرشادات التي تُسهل عملية القراءة دون الوقوع في اللحن، والخروج في نهاية المطاف بنص توراتي موحد وقار. فخصصنا تحقيقا لهذه الغاية مكانا للتعريف بالماسورة، وبمنهجها الصارم والدقيق في الحفاظ على التوراة. ولما كان من الصعب الجزم بتحريف التوراة في مجملها، نظرا لتطابق بعض قصصها مع القصص القرآني، وفي إطار الدفاع عن صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، اتخذ العلماء المسلمون، وعلى رأسهم المهتدين إلى الإسلام، "الكتاب المقدس" بعهديه منطلقا من أجل إثبات صدق نبوته عليه الصلاة والسلام، وذلك اعتمادا على بعض الإصحاحات التي أُولت على أساس أنها تُبشر بمقدمه. وهذا ما يُشكل المادة الخام للبحث الأخير الذي يُمكن إدراجه ضمن الجدل الديني.
جملة القول إن هذه المقالات مجتمعة تشترك، وإن بشكل متفاوت، في تناولها للنص التوراتي، وتقدم للقارئ المتخصص وغير المتخصص المفاتيح الأساسية التي تساعده في التعرف، عن كثب، على بعض عوالمه الغامضة. ودون هذه المعرفة المباشرة والموضوعية التي أراها شرطا في أي بحث علمي حقيقي لن تقوم لعلم مقارنة الأديان، كما نراه، قائمة.






مقاصد العقيدة في المفهوم والمسالك - للدكتور حسان شهيد
السيرة النبوية والقيم الإنسانية والكونية
كتاب أم البراهين للإمام السنوسي تحقيق الدكتور خالد زهري





مناقشة أطروحة جامعية لنيل درجة الدكتوراه في موضوع المتشابه العقدي
حوار مع الأكاديمي والباحث والتربوي الدكتور مصطفى بوجمعة على أمواج إذاعة بيتكم
قراءات في كتاب منطق حوار العلوم وتكامل المعارف بين الحضارات
"
التواصل والحجاج ل - طه عبد الرحمان
الاستشراق الأمريكى المعاصر : تمثيل الآخر المسلم في الفكر الاستشراقى الأمريكي المعاصر
مقدمات الكتب والمباحث العقدية عند علماء الغرب الإسلامي التأصيل والمضمون والمنهج
تظاهرة علمية احتفالية برحاب كلية أصول الدين بتطوان تحت موضوع : "يوم الطالب الناطق بالإسبانية"
الاستشراق الأمريكى المعاصر : تمثيل الآخر المسلم في الفكر الاستشراقى الأمريكي المعاصر
مناقشة أطروحة جامعية لنيل درجة الدكتوراه في موضوع المتشابه العقدي
كلية أصول الدين تفتتح الدورة التكوينية الصيفية 2025 لتعليم اللغة العربية والثقافة المغربية
من حق أي طالب حامل للإجازة أن يجد مكانه في الماستر
النقيب العباسي يحاضر حول: “التواصل والإعلام وأدوارهما في التقارب بين المغرب وإسبانيا”






Post a Comment