قراءات في كتاب التصدع العظيم: الفطرة الإنسانية وإعادة تشكيل النظام الاجتماعي - فرانسيس فوكوياما

 

التصدع العظيم: الفطرة الإنسانية وإعادة تشكيل النظام الاجتماعي

- تأليف: فرانسيس فوكوياما

- ترجمة: عزة حسين كبة

يحلّل فرانسيس فوكوياما في هذا الكتاب التحولات العميقة التي أصابت البنية الاجتماعية والسياسية في المجتمعات الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة. يتمحور النقاش حول "التصدع العظيم" بين الأفراد والمجتمع، بين الحرية الفردية والتماسك الاجتماعي، وكيف أدّت هذه الانقسامات إلى خلخلة قيم التضامن والتكافل.

يحاول فوكوياما تفسير هذه الظاهرة من منظور "الفطرة الإنسانية" أو الطبيعة البشرية، مبرزاً كيف أن النزعة الفردية الجامحة، والتغيرات الثقافية والسياسية، ساهمت في إضعاف مؤسسات المجتمع التقليدية مثل الأسرة، والدين، والجماعة.

المحاور الرئيسية

1. الفطرة الإنسانية أساس الاجتماع

يرى فوكوياما أن البشر ليسوا كائنات فردية فحسب، بل لديهم ميل طبيعي إلى الاجتماع وبناء روابط اجتماعية.

هذا الميل تعرض لتحديات مع صعود الفردانية المفرطة في القرن العشرين وما بعده.

2. التصدع داخل الأسرة والمجتمع

يتناول الكتاب انهيار نموذج الأسرة التقليدية، وتراجع الزواج، وازدياد نسب الطلاق، وتأثير ذلك على الأطفال والنسيج الاجتماعي.

هذه التحولات أضعفت وظيفة الأسرة كمؤسسة أساسية للتنشئة ونقل القيم.

3. السياسة والاقتصاد كمسرحين للتصدع

السياسات النيوليبرالية، إلى جانب تحولات الاقتصاد العالمي، زادت من الفوارق الطبقية والاجتماعية.

تآكل الطبقة الوسطى أدى إلى تفاقم الاستقطاب الاجتماعي والسياسي.

4. الثقافة والهوية

تحوّل القيم الثقافية نحو التركيز على "الذات" بدلاً من "الجماعة".

صعود سياسات الهوية زاد الانقسام داخل المجتمع، حيث أصبح الانتماء العرقي أو الجندري أو الديني محدداً أساسياً للصراع.

5. الحاجة إلى إعادة بناء العقد الاجتماعي

يؤكد فوكوياما على ضرورة إصلاح النظام الاجتماعي، عبر سياسات تعيد الاعتبار إلى التضامن، وتوازن بين الحرية الفردية والمسؤولية الجماعية.

لا يدعو إلى العودة إلى الماضي، بل إلى ابتكار نموذج جديد قادر على استيعاب التنوع دون أن يفكك المجتمع.

الخلاصة

كتاب "التصدع العظيم" هو محاولة جادة لفهم الأزمة العميقة التي تعصف بالمجتمعات الغربية من منظور الفطرة الإنسانية والاجتماع السياسي. يطرح فوكوياما تشخيصاً لظاهرة التفكك الأسري، والانقسام الاجتماعي، وصعود الفردانية المفرطة، ليؤكد أن الحل يكمن في إعادة بناء نظام اجتماعي متوازن يوفق بين الحرية الفردية والالتزام الجماعي.

إنه كتاب يسلّط الضوء على التوترات الكبرى التي تواجه الديمقراطيات الحديثة، ويفتح المجال أمام نقاش فلسفي وسياسي حول "كيف يمكننا العيش معاً" في عالم يزداد انقساماً